رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

10 «تحفظات» على مشروع قانون العمل الجديد

418

من أكثر القوانين المثيرة للخلافات والنقاش، يأتي قانون العمل فى الصدارة، لأنه ينظم العلاقة بين ملايين العمال وبين شركات ومؤسسات القطاع الخاص وأصحاب الأعمال بل وأيضا يتم تطبيقه فى عدد من المؤسسات المملوكة للدولة أو تساهم فى ملكيتها، التي لا يخضع العاملون بها لقانون الخدمة المدنية وليست لهم قوانين خاصة.

ولهذا ظل القانون فى مرحلة النقاش والشد والجذب بين أطراف العمل الثلاثة (الحكومة والقطاع الخاص والعمال بمنظماتهم النقابية) على مدار ما يقرب من 20 عاما دون الوصول لحل يرضي جميع الأطراف ويحفظ حقوقهم دون المساس بحقوق الطرفين الآخرين.

 كتب :ياسر حسني

تزايدت حدة النقاشات والاختلافات على قانون العمل الجديد، بمجرد إعلان الحكومة طرح مشروع القانون، للحوار المجتمعي للمرة الأخيرة، قبل إرساله للبرلمان، وسارع اتحاد العمال بالإعلان مبدئيا عن 10 مزايا حصل عليها العمال فى القانون الحالي 12 لسنة 2003 ويرفضون المساس بها أو تعديلها فى القانون الجديد.

كما شكل مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، لجنة تشريعية تضم أعضاء مجلس إدارة الاتحاد ورؤساء النقابات العامة وبعض الخبراء والمتخصصين والاستشاريين القانونيين المتخصصين بالشأن العمالي، لبحث ودراسة 4 تشريعات عمالية رئيسية، هي: مشروع قانون العمل الجديد، والتعديلات على قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي رقم 213 لسنة 2017، والتأمينات الاجتماعية وقطاع الأعمال، وذلك لوضع رؤية موحدة حول نصوص مواد تلك القوانين ومناقشتها خلال اجتماعات الحوار المجتمعي، الذى دعت إليه وتنظمه وزارة العمل.

10 مزايا

دعا اتحاد العمال، المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي فى مجال العمل إلى عدم التنازل عن بعض مواد قانون العمل الحالى رقم 12 لسنة 2013، التي تعد ميزة لكونها تصب فى موازين طرفى الإنتاج، إذ أنها تحفظ حقوق العامل وتعمل على تحقيق أعلى مستويات الاستقرار والأمان الوظيفى.

وجاء فى مقدمة تلك المزايا، ما أقرته المادة الخامسة من قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003 من أن أي مصالحة أو اتفاق ينتقص من حقوق العامل أو يقلل أو يحرم من ميزات أقرتها القوانين واللوائح باطلة بطلان مطلقا.

وكذلك ما أقرته المادة السابعة فى ذات القانون بضرورة الحفاظ على حقوق العامل المالية وامتيازاتها، حيث تتصدر كل أموال صاحب العمل وهى تسبق الديون القضائية أو المستحقة للدولة بكل إداراتها، وجاءت المادة

 9 من القانون؛ لتؤكد أيضا حفظ حقوق العامل، وتشدد على أنه عند توقف المنشأ جزئيا أو كليا أو إفلاسها أو بيعها أو وفاة صاحبها لا يمنع من الوفاء بحقوق العامل.

وأيضا ما أقرته المادة 32 فقرة 3 من قانون العمل عن حق العامل فى إثبات علاقة العمل بكل الطرق ومنها شهادة الشهود فى حالة عدم تحرير عقد عمل وهذا الحق قاصر على العامل وحده دون صاحب العمل.

أكدت المادة «45» أنه لاتبرأ ذمة صاحب العمل من دين أجر العامل إلا بسند كتابى موقع عليه من العامل أو توقيع العامل فى سجل الأجور وبشرط أن يبين به مفردات الأجر، كما تشدد المادتين 47 و48 على أن إجازات العامل مصونة والمقابل النقدي لها لا يمكن المساس بها.

كما حرص المشرع فى القانون الحالي على حماية العامل من الفصل التعسفي أو التحقيق معه بشكل ينتقص من حقوقه، وهذا ما ذكره القانون بالتفصيل فى المادة 60 وما بعدها، فلا يجوز توقيع جزاء على العامل خارج إطار القانون أو لائحة العمل وأن تكون المخالفة ذات صلة بالعمل ولا يتم توقيع الجزاء قبل إخطار العامل كتابه قبل التحقيق بسبعة أيام ولا يجوز توقيع أكثر من جزاء على الفعل الواحد ولا يجوز توقيع جزاء بعد ثلاثين يوما من الواقعة، ولا يجوز أن يباشر التحقيق مع العامل من هم أدنى منه فى المرتبة الوظيفية ولا يجوز الخصم من الأجر جزاء للمخالفة بأكثر من خمسة أيام فى الشهر الواحد، فضلا عن أن المادة 66 أكدت عدم جواز وقف العامل لمدة تزيد على ستين يوما مع صرف أجره كاملا مع عرض أمر الوقف على القضاء لأخذ الموافقة عليه أو إلغائه.

بالإضافة إلى أن المشرع عقوبة فصل العامل من اختصاص صاحب العمل وقصره على المحكمة العمالية وفق ما نصت عليه المادة «68» من قانون العمل، مع وضع أسباب على سبيل الحصر تؤدي لفصل العامل، دون أن يترك المشرع فرصة لاجتهاد أصحاب الأعمال فى أسباب ينهون بها علاقة العمل تعسفيا.

أما المادتين 110 و111 أشارا إلى عدم إنهاء عقد عمل العامل غير محدد المدة، حيث يجب أن يكون لسبب من الأسباب الواردة على سبيل الحصر بالمادة ٦٩من قانون العمل وإلا أعتبر فصلا تعسفيا يوجب التعويض، بالإضافة إلى أن المادة 122 أوضحت أن التعويض عن الفصل التعسفى لا يقل عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة.

فلسفة القانون الجديد

ومن جانبه، قال مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد العمال، رئيس النقابة العامة للعاملين بالصحافة والثقافة والإعلام، مقرر مساعد لجنة النقابات والعمل الأهلي بالحوار الوطني: إنّ هناك حاجة إلى قانون عمل جديد، موضحًا أن ظروف القانون الحالي جرى سنه فى ظل ظروف مختلفة، إذ كانت الحكومة أكبر صاحب عمل فى مصر، وبالتالي فإن علاقات العمل بين العمال والحكومة مختلفة مقارنة بين العمال والقطاع الخاص.

وأضاف أن القطاع الخاص أصبح هو من يقود القاطرة الآن، فى ظل السوق المفتوح والتوسع فى مشروعات القطاع الخاص، وبالتالي يجب سن قانون عمل يتناسب مع المرحلة الحالية، ولا بد من سن قانون عمل يتناسب مع المرحلة الحالية، ولا بد من إصدار قانون العمل الجديد بسرعة كبيرة جدا.

وأشار إلى أن فرص العمل خلال الفترة المقبلة ستكون فى القطاع الخاص بشكل أكبر، لذلك لابد أن تتضمن فلسفة القانون الجديد «الأمان الوظيفي» للعاملين فى القطاع الخاص، مشددا على أنه لا بد أن يضمن قانون العمل حقوق الطرفين، والتوازن فى علاقات العمل.

وأكد «البدوي» أن القضاء المصري عادل وسيكون الوسيط بين العامل وصاحب العمل، وحل طول أمد التقاضي هو المحكمة العمالية، وليس دوائر عمالية فى المحاكم الابتدائية والاستئناف وفق التشريع الحالي.

لجنة تشريعية

وقال محمد كامل، رئيس النقابة العامة للعاملين بالنقل العام، وعضو مجلس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر: إن مجلس الاتحاد قرر تشكيل لجنة تشريعية تضم عددًا من خبراء القانون لمناقشة مواد مشروع قانون العمل الجديد، وإعداد رؤية عمالية موحدة تهدف لحماية حقوق العمال ودعم جهود التنمية التي تقيمها الدولة، وذلك قبل عرض مشروع القانون على السلطة التشريعية لمجلسي الشيوخ والنواب.

وأكد أنه الوقت الراهن يستلزم سرعة إصدار قانون العمل الجديد، لتحقيق الاستقرار فى بيئة العمل، ودعم زيادة الإنتاج، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بمتابعة تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتفعيل الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص.

ومن جانبه، قال المهندس عيد مرسال، رئيس النقابة العامة للعاملين بالزراعة والري والصيد واستصلاح الأراضى، الأمين العام لاتحاد العمال، إن هناك حزمة من المطالب الرئيسية للعمال بشكل عام فى كل المجالات، سواء فى مشروع قانون العمل الجديد أو فى القوانين ذات الصلة بالعمال، مثل التأمينات الاجتماعية.

وطالب مرسال، بتعميم التأمين الاجتماعى والصحى على كل العمالة، خاصة العمالة غير المنتظمة، التى سبق المطالبة بضمهم لقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148، خاصة فى ظل وجود حصة يتم دفعها فى التأمينات من أصحاب المقاولات، التي يمكن توجيهها لصالح هذا الأمر، مشيرا إلى ضرورة سرعة إصدار قانون العمل الجديد لتحقيق الاستقرار فى بيئة العمل، وزيادة الدورة النقابية من 4 إلى 5 سنوات أسوة بمجلسى النواب والشيوخ.

وأشار إلى وجود اتصال دائم ومباشر بين اتحاد العمال والحكومة، فيما يتعلق بقانون العمل الجديد أو تعديل أية قوانين أخرى تتعلق بمصالح العمال، مطالبا كذلك بإعادة النظر فى قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 185 لسنة 2020، حل مشكلات العمال فى هذا القطاع، وتعديل نسب تمثيل العمال فى مجالس الإدارة للشركات، مؤكدا استمرار دعم العمال للدولة والجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، للحفاظ على استقرار الدولة وأمنها فى ظل ما تشهده دول العالم من أحداث.

أولويات الحكومة

أما هشام فؤاد، رئيس النقابة العامة للعاملين بالمرافق العامة، فأكد ضرورة وضع سرعة إقرار قانون العمل الجديد، ووضعه ضمن أولويات الحكومة وأجندتها التشريعية، التي سيتم إرسالها للبرلمان بغرفتيه (الشيوخ والنواب) لإقرارها فى الانقاذ التشريعي الجديد، وذلك لإحداث التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية، وتلافي سلبيات قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003، وتحقيق الأمان الوظيفي والمزيد من الاستثمارات.

وأضاف فؤاد أن العمال تحمل آمالا عريضة على أن تشهد الفترة المقبلة تحسين مستوى معيشتهم والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وذلك يتضمن إجراء عدد من التعديلات التشريعية وإقرار مزيد من الحزم الاجتماعية والاقتصادية.

وأكد خالد عيش، رئيس النقابة العامة للعاملين بالصناعات الغذائية، نائب رئيس اتحاد العمال ضرورة عمل الحكومة الجديدة على سرعة إصدار قانون العمل الجديد، خاصة بعد المناقشات المستفيضة، التي تمت بين أطراف العملية الإنتاجية، وإعلانها حزمة إضافية من الحماية الاجتماعية لمنح المواطنين إحساس بدخولهم مرحلة جديدة.

وأشار إلى ضرورة التواصل الدائم بين الحكومة والمنظمات النقابية التي تمثل الفئات المختلفة من العمال وكذلك جمعيات رجال الأعمال والمستثمرين، للعمل على حل المشكلات أولا بأول، بعد الاستماع لكل الأطراف على أرض الواقع، مؤكدا أن ذلك سينعكس إيجابيا على حركة الإنتاج فى كل المؤسسات.

4 تشريعات

ومن جانبه، قال محمد جبران، وزير العمل: إنه يتطلع إلى سرعة إصدار مشروع قانون العمل الجديد، ليحقق المزيد من الأمان الوظيفي للعامل، وكذلك التشجيع على الاستثمار، مشيرًا إلى أن الفترة المُقبلة سوف تشهد المزيد من الجهود، والحوار الاجتماعي مع كل شركاء العمل والتنمية، إضافة إلى مشروع قانون العمالة المنزلية لتقديم الحماية والرعاية لهذه الفئة، موضحا أن هذين المشروعين، نموذج حي على التعاون مع طرفي العملية الإنتاجية من أصحاب أعمال وعمال، حيث تسعى الوزارة، من خلالهما إلى التوازن فى العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، وهو ما تعمل الوزارة على ترسيخه وتعزيزه وبالترويج لثقافة الحقوق والواجبات والالتزام بذلك.

وأوضح جبران أنه سيتم الانتهاء من مناقشة بنود وملاحظات قانون العمل فى القريب العاجل، موضحا أن الوزارة تعمل خلال الفترة الجارية على مشروع القانون بشكل مختلف وتتعامل مع الملف بسياسة جديدة، حيث خاطبت وزارة العمل كل الوزارات لطلب مد الوزارة بتصورهم بشأن مواد القانون الجديد، وفور تجميع كل الآراء سيتم دعوة كل المؤسسات والجهات وكبار المستشارين بمجلس الدولة، لعمل حوار مجتمعى يضم كل فئات المجتمع، للوصول إلى قانون متوافق عليه الجميع؛ لتحقيق المعادلة الصعبة والتوازن بين صاحب العمل والعامل، وسنعمل على سرعة الانتهاء منه لأن القانون «خد وقت طويل».

وأشار وزير العمل إلى أن الوزارة تقدمت بـ4 قوانين تخص ملف العمل للحوار الوطني، مؤكدا أن الوزارة تضع أولوية لتلك القوانين، التي من أهمها مشروع قانون العمل، وتعديلات خاصة باتحاد نقابات عمال مصر على بعض بنود قانون التنظيمات النقابية، فضلا عن قانون العمالة المنزلية، وقانون لتعظيم العقوبات على الشركات التي تنصب على العمال، لافتا إلى أن الحكومة تضع على رأس أولويات الأجندة التشريعية، وبرنامج عملها خلال الفترة المقبلة عددًا من السياسات التي تستهدف خلق اقتصاد قوي وتنافسي ومتنوع، بما يسهم فى زيادة معدلات التشغيل وتوفير فرص العمل اللائق، من بينها: إصدار قانون العمل الجديد، بما يُسهم فى تعزيز مرونة وديناميكية سوق العمل فى مصر ويضمن حقوق العاملين، ويوفر لهم الحماية اللازمة.

وأكد محمد جبران أن كل الملاحظات، موضع اهتمام ودراسة طالما تتجه نحو تحقيق المزيد من التوازن المنشود لتعزيز علاقات العمل بين أطراف العمل، وتُحقق المزيد من الأمان الوظيفي للعمال، وتُشجع على الاستثمار، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، مشيرًا أيضًا إلى أن مشروع القانون الجديد، يأتي ليعالج القصـور الوارد بقانون العمل الحالي الصادر بالقانون رقـم 12 لسـنة 2003، تماشيا مع كل المُتغيرات والتحديات.

وتعمل اللجنة القانونية المُشكلة بوزارة العمل، والمُختصة بدراسة وصياغة الملاحظات الواردة من ممثلى أصحاب الأعمال والعمال على مشروع قانون العمل، فى الوقت الحالى على صياغة الملاحظات بعد استلامها من منظمات أصحاب الأعمال والعمال، تمهيدا لعرضها على المجلس الأعلى للحوار الاجتماعى فى مجال العمل، فى دورة انعقاده المقبلة، تمهيدا لعرضه على البرلمان لإصداره، ومن أبرز المواد التى من المتوقع أن يتضمنها القانون ما ينص على إلغاء استمارة 6، واستبدالها بربط الأجر بالإنتاج، وتثبيت أنظمة متكاملة للتأمين الطبي والمعاشات التقاعدية ومكافأة نهاية الخدمة،  كما ينتظر أن يحدث قانون العمل نقلة للعمال ويحدث توازنا واستقرارا للمستثمر، ويعطي استقرارا أفضل للعامل.