رئيس التحرير
رسائل من عقل الدولة
By amrديسمبر 22, 2024, 17:06 م
492
الأحد الموافق 15 ديسمبر الجاري بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية، حيث اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدد من قادة القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة.
بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، والفريق أحمد خليفة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، والسيد حسن رشاد، رئيس جهاز المخابرات العامة، والمحافظين، وكبار قادة القوات المسلحة.
والتقى الرئيس السيسي بعدد من الزملاء الصحفيين والإعلاميين، ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات.
استعرض الرئيس خلال اللقاءين تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن القومي المصري.
مجيبًا عن التساؤلات التي تشغل الرأي العام، حاملاً فى حديثه مجموعة من الرسائل المهمة نتوقف عندها فى ظل تطورات غير مسبوقة تعصف بأمن واستقرار المنطقة، بل تنذر بخريطة جديدة قد تزلزل أركان السلام والأمن والاستقرار ليس فى المنطقة العربية والشرق الأوسط فحسب، بل قد يمتد آثارها إلى العالم فى ظل تخاذل المجتمع الدولي عن القيام بدوره فى دعم السلام والأمن والاستقرار.
اختيار الرئيس السيسي أن يكون اللقاء والحوار من داخل القيادة الاستراتيجية (عقل الدولة) والذي يمثل قوة الدولة المصرية وقدرتها على تنفيذ خطتها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية رغم التحديات والمشكلات والأزمات المتلاحقة، فالعمل الجاد والتخطيط الجيد، والتنفيذ الاحترافى، والإرادة الصلبة لدى القيادة، وثقة الشعب، كانت أحد أهم أسباب نجاح الدولة فى تنفيذ خطتها الاستراتيجية، لتطوير وتنمية الدولة الوطنية، وبناء مؤسساتها، كي تكون قادرة على القيام بدورها فى مواجهة أي تهديد أو مشكلات أو أزمات.
كانت الرؤية الاستشرافية لمستقبل المنطقة أحد أسباب التحرك وسرعة الإنجاز، وحرص الرئيس السيسي على أن يكون تنفيذ تلك المؤسسات المهمة فى إدارة الدولة فى وقت قياسي، لأن الحفاظ على الدولة الوطنية وسط هذا المحيط المضطرب، والسيناريوهات المتعددة التي تنتظر المنطقة من أجل تنفيذ سيكس بيكو جديد بها، يستوجب امتلاك القدرة والإرادة، فاتخاذ القرار السليم مبنى على معطيات دقيقة والتنفيذ الجيد مبنى على احترافية الرؤية التي تعتمد على صورة واضحة للمشهد كاملاً، الأمر الذي يتمتع به عقل الدولة المصرية.
خلال الاجتماع كانت هناك مجموعة من الرسائل المهمة: ـ
الرسالة الأولى: امتلاك مصر القدرة والقوة يضمن لها الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات شعبها.
عمدت الدولة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة على امتلاك القدرة والقوة، فعقب أحداث 2011 كانت حالة من السيولة قد أصابت الدولة ولولا وجود مؤسسة قوية ومتماسكة مثل المؤسسة العسكرية، لانجرفت الدولة المصرية إلى ما كان مخططًا لها ضمن سيناريو استهداف المنطقة.
حرص الرئيس السيسي على امتلاك الدولة المصرية للقدرة والقوة وبناء مؤسساتها وتثبيت أركانها، فتم تطوير وتحديث القوات المسلحة، كما تم تطوير ودعم الشرطة المدنية، فى الوقت الذي تم فيه إعادة بناء كل المؤسسات ومواجهة المشكلات بحلول غير تقليدية وناجزة للتغلب على أخطر العناصر التي واجهت كل الخطط المرسومة للدولة من قبل، وهو عنصر الوقت، بسرعة التنفيذ ودقة العمل.
تم إنشاء منظومة عمل تجعل كل أجهزة الدولة تعمل بالتعاون معًا وليس وفق جزر منعزلة فتهدر المقدرات ويضيع الوقت.
تم بناء أكبر شبكة للمعلومات تربط كل مؤسسات الدولة لتوفر لمتخذ القرار الرؤية الكاملة لاتخاذ القرار السليم.
ثم تم إنشاء الشبكة الوطنية الموحدة للطوارئ والسلامة العامة، تعمل على ربط جميع عناصر الطوارئ والمرافق الحيوية، كهيئات الإسعاف والرعاية الصحية وقطاعات البترول والكهرباء وأجهزة النجدة والمرور والحماية المدنية، عن طريق مركز رئيسي وغرفة عمليات تخصصية فى كل محافظة لتلقي بلاغات الطوارئ بأنواعها المختلفة من المواطنين، والتعامل السريع معها، لتفادي تفاقم الأزمات.
الشبكة تمكن السلطات من تحليل بيانات الحوادث المختلفة، ووضع خطط استباقية ووقائية لمنع تكرار الحوادث وتفاديها.
تقديم خدمة الاتصالات المؤمنة والتطبيقات الحديثة المتكاملة مع الأنظمة الخاصة لكل وزارة فى إطار التحول الرقمي الآمن.
الشبكة تضمن حماية خصوصية بيانات الدولة المصرية، وإتاحة كل المعلومات الدقيقة عن الحوادث المختلفة لمتخذي القرار على كل المستويات، بما يُمكنهم من التعامل المناسب مع تلك الأزمات الطارئة والتحرك بشكل أكثر فعالية.
كما أن القيادة الاستراتيجية تعد صرحًا لشعب مصر وإضافة حيوية لقدرات القوات المسلحة، بما يضمن تكامل التخطيط والتنسيق لجميع جهاتها، وتعزيز القدرات والاستعداد الدائم لمواجهة التحديات بفاعلية وكفاءة باستخدام أحدث نظم التكنولوجيا المتطورة.
وقال الرئيس إنه فى ظل أوضاع إقليمية ودولية بالغة التعقيد يأتي تعظيم القوة الشاملة للدولة على رأس أولويات الدولة المصرية التي استشرفت آفاق المستقبل برؤية عميقة للأحداث ونظرة ثاقبة للمتغيرات والتطورات الدولية، فثبت لها يقينًا أنه من أراد السلام فعليه بامتلاك القوة اللازمة القادرة على الحفاظ عليه.
الرسالة الثانية: هناك ثوابت ترتكز عليها الدولة المصرية فى سياستها وتعاملها مع الأحداث، تقوم على التوازن والاعتدال اللازمين فى التعامل مع الأحداث والمتغيرات المتلاحقة، والعمل على إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر جديدة للصراع تهدد استقرار دول المنطقة بأسرها.
فالدولة المصرية دائمًا ما تقدم الحلول السياسية لحل الأزمات، وذلك انطلاقًا من حرصها على عدم العدوان وضرورة الحرص على تحقيق السلام والاستقرار من أجل مستقبل أفضل للشعوب.
فالصراعات والمواجهات المسلحة وإن كانت خيارًا فآثارها مدمرة على المجتمعات ولابد لمتخذ القرار أن يدرك ذلك.
فعلى مدى أكثر من 13 عامًا والمنطقة غارقة فى الصراعات وكل الدول التي انزلقت فى ذلك الطريق الوعر، لم تستطع العودة منه حتى الآن، ولم تنجح فى إعادة بناء الدولة الوطنية أو استرداد مؤسساتها مما جعلها عرضة للطامعين فى مقدراتها ومنتهكي سيادتها، والعربدة داخل أراضيها من قوى احتلال غاشم.
الرسالة الثالثة: وعي واصطفاف الشعب المصري وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة.
فبدون وعى الشعب المصري بحجم المخاطر والتحديات والتهديدات التي تواجه الدولة، لم يكن لها أن تصمد فى مواجهة هذا الكم الهائل من الأزمات والتحديات والتهديدات التي ضربت المنطقة وأثرت على الدولة المصرية.
فالمصريون هم من خرجوا فى 30 يونيو 2013 لإسقاط حكم المرشد واستعادة دولتهم الوطنية، بعد أن أدركوا خطورة اختطاف الدولة المصرية وسعى الفصيل الإرهابي الذي اختطفها لمدة عام للدفع بها نحو مصير مشئوم خططوا له بالتعاون مع قوى الشر، لتفقد الدولة المصرية مكانتها وقدراتها لحساب مشروعهم الشيطاني.
وهم أيضًا مَن تحملوا عبء بناء دولتهم رغم التحديات الصعبة، والأزمات المتلاحقة، فعلى مدى 10 سنوات استطاعوا بناء ما كان يحتاج لأكثر من 50 عامًا، الأمر الذي حملهم بأعباء ضخمة لكن وعيهم وإيمانهم بوطنهم كان محور ارتكاز وفهم راسخ لديهم.
فسقط الإرهاب على أيديهم، بعد أن قدموا أبناءهم من الأبطال فى الجيش والشرطة ممن ضحوا بأرواحهم ودمائهم فى تلك المعركة ليحققوا نصرًا غير مسبوق.
بالإضافة إلى استمرار جهود التنمية الشاملة فى كل ربوع مصر سعيًا نحو تحقيق مستقبل يلبي تطلعات وطموحات أبناء الشعب المصري.
فاصطفاف المصريين خلف قيادتهم وثقتهم فى القيادة يعد حائط صد منيعًا فى مواجهة محاولات اذكاء مخطط الفوضى المبنى على ترويج أخطر أدواته، وهو مصطلح الدولة الفاشلة للتأثير على الحالة المعنوية لدى الشعوب وإفقادهم الثقة فى قيادة الدولة وهو مخطط كشفه المصريون، ولم ينجرفوا باتجاهه.
الرسالة الرابعة: مجموعة من التحديات تواجهها الدولة المصرية خلال الفترة الحالية ويتم العمل عليها ومواجهتها وهو ما يستوجب أيضًا الاصطفاف الشعبي المبني على الوعي لدى الشعب المصري كي تتمكن الدولة المصرية من التغلب عليها.
ففي ظل الأحداث المتسارعة باتت الخلايا النائمة للتنظيم الإرهابي فى التغير من حالة السكون إلى الحراك الحذر.
وهو ما قد يجعل تلك الخلايا تحاول تنفيذ أو القيام بأي من العمليات الإرهابية الأمر الذي يحتاج إلى اليقظة والحسم من قِبل أجهزة الدولة وهو ما يقوم عليه الجيش والشرطة والمؤسستان قادرتان على مواجهة هذا التحدي.
كما أن حجم الشائعات التي تستهدف الدولة المصرية ليست هناك دولة على مستوى العالم تواجه هذا الكم من الشائعات، وهو ما يكشف حجم الحرب النفسية التي تُمارس ضد الشعب المصري الأمر الذي يلقى بالمسئولية على الإعلام لكشف تلك الأكاذيب وتوضيح الحقائق للمواطن كي يصبح قادرًا على مواصلة مراحل البناء.
بالإضافة إلى ما تقوم به مؤسسات الدولة من رد على تلك الشائعات فى توقيتها وعبر مواقعها الرسمية وصفحات التواصل الخاصة بالوزارات والهيئات المختلفة.
وعلى الإعلام أن يكون حائط صد منيعًا فى مواجهة تلك الشائعات وألا يسقط فريسة لها.
الرسالة الخامسة: إن مصر لا يمكن لها أبدًا أن تقبل المساس بأمنها القومي، والأمن المائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي فلا يمكن القبول بالمساس به، فهو قضية جوهرية وأي تأثير على حصة مصر من المياه هو تهديد وجودي لا يمكن للدولة المصرية أن تقبله؛ وإذا كانت مصر ترفض العدوان لكنها لا ولن تقبل التفريط فى حقوقها التي حفظها لها القانون الدولي، كما لن تقبل القيام بأي ترتيبات أو أطر متعلقة بنهر النيل لا تشمل مصر والسودان، أو تخالف قواعد ومبادئ القانون الدولي المنظمة للأنهار الدولية العابرة للحدود.
لقد حرصت مصر خلال السنوات الماضية على أن يكون مسار التفاوض والتفاهمات هو المسار الصحيح فى التعامل مع قضية سد النهضة وفق ما تم الاتفاق عليه فى اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث (مصر، السودان وأثيوبيا)، مع تأكيدها على دعم التنمية فى إثيوبيا وعدم الإضرار بها لكن وفق مبدأ مهم وهو احترام الاتفاقيات الدولية وعدم المساس بحصة مصر المائية.
فإذا كانت إثيوبيا تستهدف التنمية فمصر تستهدف الحياة، والمساس بحصة مصر المائية هو مساس بحياة المصريين وهو ما لم ولن تقبله الدولة المصرية.
إن التعاون هو أفضل الصيغ من أجل حياة أفضل للشعوب ومستقبل أسعد.
الرسالة السادسة: مصر لن تقبل أبدًا محاولات تصفية القضية الفلسطينية فهي قضية القضايا لديها ولن تقبل إلا بإعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، كما ستواصل التصدي لمحاولات تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين لتفريغ القضية وهو ما تحذر منه دائمًا وتواصل دعمها للأشقاء الفلسطينيين لمواصلة صمودهم ودفاعهم عن دولتهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعلان القاهرة
القمة الحادية عشرة لمجموعة الدول الثماني النامية D8 التي شهدتها العاصمة الإدارية والتي جاءت فى توقيت بالغ الدقة والأهمية فى ظل أحداث متلاحقة، جاء بيانها الختامي أكثر قوة ليرسل رسالة إلى العالم تضعه أمام مسئولياته فى مواجهة مخططات الفوضى، وتدمير الدول مما يؤثر على الأمن والسلم الدوليين.
50 بندًا فى بيان القاهرة ارتكزت على ضرورة الحفاظ على الدول ووحدة أراضيها، ومواجهة أي محاولات تستهدف تقسيمها.
كما طالبت بضرورة وقف إطلاق النار فى غزة وإعلان الدولة الفلسطينية جنبًا إلى جنب الدولة الإسرائيلية وعاصمتها القدس.