حاتم فاروق

الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية المتردية، التى يمر بها العالم فى الوقت الراهن، جعلت من الذهب الملاذ الآمن ليس للمستثمرين وأصحاب رءوس الأموال فحسب، بل أصبح محط أنظار الحكومات حول العالم لزيادة الاحتياطي منه تحوطاً من القادم، وهو ما جعل المعدن الأصفر يسجل مستويات قياسية من المبيعات على مستوى أسواق المعادن.

الخسائر التي تكبدتها أسواق الأسهم والعملات حول العالم، كانت بفعل عمليات البيع الجنونية التى قام بها المستثمرون فى محاولة منهم للحفاظ على مراكزهم المالية عبر الشراء المكثف للذهب، وهو من قاد المعدن الأصفر لتسجيل مستويات سعرية قياسية، تلك المستويات التي يرشحها خبراء المال والأعمال حول العالم للارتفاع المستمر وصولاً إلى 3500 ألف دولار للأوقية مع نهاية العام المقبل.

أساسيات السوق تشير بوضوح إلى أن الذهب سيستمر فى الاتجاه التصاعدي، نتيجة التوتر الذي يسود السوق نتيجة حالة عدم اليقين بشأن قرارات ترامب بفرض تعريفات جمركية على واردات بلاده من الخارج وبما قد تسفر عن نشوب حروب تجارية عالمية قد تكون نتائجها أشد خطورة من الحروب العسكرية التقليدية، فضلاً عن توقعات خفض أسعار الفائدة، وأخيرًا تصاعد التوترات السياسية والعسكرية فى منطقة الشرق الأوسط.

وعادة ما ينظر للذهب الذي لا يدر عوائد على أنه أداة للتحوط فى أوقات الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية، فى الوقت الذي تلقى فيه المعدن الأصفر دعماً لم يكن فى الحسبان عندما تصاعدت وتيرة ردود أفعال دول العالم نحو اتخاذ إجراءات حمائية تجاه الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على مختلف السلع والمنتجات الواردة فى ضربة قاسية لحركة التجارة الحرة الدولية.

المؤكد أن نشوب هذه الحروب التجارية التي أشعلها عن جهل الرئيس الأمريكي بفرض إجراءات ورسوم حمائية على حركة التجارة الدولية، سوف تسفر عن استمرار ارتفاع معدلات التضخم بالأسواق العالمية، بل أيضًا ستكون لها تداعيات كارثية على أسعار العملات والأسواق المالية العالمية، فضلاً عن تسببها فى موجات هروب جماعية للمستثمرين قد تصيب أسواق الأسهم حول العالم، ليكون المستفيد الوحيد من تلك الإجراءات الحمائية هو المعدن الأصفر.

الذهب كان ولا يزال الاستثمار الآمن لعدة أسباب أهمها سهولة تسييله عند الحاجة، ونجاحه فى الحفاظ على قيمته بمرور الوقت، لذا فإن الاستثمار فى المعدن الأصفر هو استثمار طويل الأجل، إلا أنه قرر أن يكسر قواعد السوق ويقفز 18٪ منذ بداية العام فى ظل الضبابية المحيطة بسياسات الرسوم الجمركية وعمليات الشراء المكثفة من البنوك المركزية العالمية.

حمى الله مصر وشعبها العظيم