https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

2025.. نفسك فى إيه؟!

219

نطرق أبواب العام الجديد، فى ظل ظروف بالغة الدقة والصعوبة، لم تعد الأمانى البسيطة المتشبثة بالحياة والسلام والهدوء ممكنة..
بل قد تكون أصبحت مستحيلة فى ظل ما يحدث حولنا.

تتمنى إيه.. هذا السؤال البسيط السهل أصبح صعبًا جدًا فى هذه الأيام، المشاهد الوردية التى كنا نراها مع نهاية عام وبداية آخر، لم يعد لها وجود الآن، بل لم يعد لها منطق الظهور ومعقولية التواجد..

دماء وحروب وصراعات فى كل مكان بالعالم وسلام مذبوح مشنوق على مقاصل الطمع والبحث عن الأمجاد الشخصية..

“الأمجاد الشخصية” التى بسببها يضيع العالم وتدفع الشعوب نحو محارق لا ترحم، تذوب فيها جلودهم وتطحن فيها عظامهم بلا رحمة أو شفقة.. وبلا ثمن “سانتا كلوز”
لا يجد أطفالا يعطيهم هداياه وإن وجد، قدمها لهم، إما بلون الدم وإما ملطخة به.

.. العالم كله مندفع فى صراع مخيف إلى لا شىء، سوى دمار محقق وخراب واسع النطاق.. شعوب تدفع ثمنًا باهظًا لرعونة وأطماع أشخاص أصابهم جنون العظمة وسرقتهم أطماعهم الشخصية من إنسانيتهم وبشريتهم وجعلتهم يتعاملون مع بنى جنسهم على أنهم مجرد أرقام تسجل فى دفاتر الموت والفناء، وسيأتى غيرهم.

هذا المقال.. هو المقال الأخير فى هذا العام، ورغم سخونة الأحداث وضراوتها وخطورتها وضرورة وحتمية الحديث عنها وعن تطوراتها وتداعياتها، إلا أننى وجدت نفسى أقف أمام هذا السؤال البسيط أو ربما الساذج.. “ماذا تتمنى للعام الجديد”؟

.. عشرات المقالات والموضوعات والحوارات والتحليلات والدراسات والتقارير تتناول العالم وما يحدث فيه من جنون ورعب وفزع، جعلت فى داخلنا جميعا، أو فى داخل من بقى لديه بعض من الإنسانية المفقودة، صعوبة بالغة فى الإجابة عن هذا السؤال “نفسك فى إيه؟”، فى الحقيقة أنا نفسى فى حاجات كتير، ربما تلخصها كلمة واحدة من 4 حروف غاية فى البساطة وغاية فى الأهمية وغاية فى الإنسانية.. نفسى فى “سلام”، نعم.. أتمنى أن ندخل عام 2025 فى سلام مع أنفسنا، سلام مع بعضنا البعض، سلام عام وشامل بين كل مخلوقات الله.

ولكن كيف يمكن أن يحدث هذا السلام فى خضم هذا العنف غير المسبوق فى تاريخ البشرية وفى ظل هذه الكمية من الدماء التى أريقت ولم تر الإنسانية مثلها منذ أن خلق الله الأرض وما عليها.

إذن.. ماذا لو تمنينا أمنية أخرى أكثر واقعية.. مثلا نتمنى أن يأخذ الله نتنياهو، الذى يسعى وراء مجد شخصى وأطماع سياسية بغيضة، فقتل ما يقرب من 50 ألف فلسطينى، نصفهم نساء وأطفال، وأصاب ضعفهم وهدم منازل ومساجد وكنائس، كرر ذلك فى لبنان ثم سوريا محطمًا كل عتاد جيشها ومحتلا أرضها بعد أن سقط نظام حكمها – باعتراف وزير دفاعه – ثم اليمن وإيران ودولا أخرى، أم نتمنى أن يأخذ الله أردوغان الذى احتل سوريا وساهم فى إسقاط نظام حكمها وينافس على سرقة غازها فى المتوسط ويعبث فى ليبيا وإثيوبيا والسودان..

أم نتمنى أن يأخذ الله نظام الحكم فى إيران الذى خرب بلدانا كثيرة وأضاع لبنان بحزب الله وغزة بحماس واليمن بالحوثيين، أم يأخذ ترامب ومن قبله بايدن وأوباما، الذين زرعوا بيننا إسرائيل ثم داعش ثم داعش الجديدة.. هل نفعل وندعو الله أن يريحنا من كل هؤلاء.. أم نظل متمسكين بالأمنية المثالية الخيالية وهى “السلام”؟..

ربما يصح لنا أن نتمسك بها من باب الأمل فى غد أفضل.. ولكن الأفضل من ذلك بكثير، هو أن نتحلى بالصبر والأمل وبكثير من الوعى والتحمل حتى نحافظ على وطننا سالمًا، آمنًا، فهذه نعمة كبرى يحسدنا عليها الكثيرون، بل الجميع، ويحاول بعضهم أخذها منا..
فما تزال مخططات الشر مستمرة ومحاولات الهدم والإسقاط متواصلة ولا أمل لنا فى الحفاظ على هذا القدر من السلام والأمان داخل وطننا، إلا بالوعى والصمود والتلاحم والتماسك، فهذا هو العالم يموج بالعنف والقتل والخراب ويساق الضعفاء فيه إلى القتل والتشريد وإلى التقسيم..

لا أمان لنا، هذا الواقع المرير يقول ذلك ويؤكد أنه لا أمان لنا ولا مستقبل مستقر سوى بالتماسك والحفاظ على وطننا حرًا قويًا.

الأوطان من حولنا تسقط والأخرى مهددة إلا ذلك الوطن الذى يتماسك شعبه ويحتمى بالوعى والوطنية ويحتمى بجيشه ويدعمه ويحافظ عليه.

كل الأوطان تسقط وتهدد إلا الوطن الذى يقف فيه الشعب خلف قيادته ودولته، ورفقة رجل واحد، لقد قررنا أن نحمى وطننا وأحبطنا مخططات كثيرة من قبل.. فيجب أن نظل على العهد وعلى هذا اليقين.

نحن للوطن.. والوطن لنا